الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

حفيدات النبي صلى الله عليه وسلم



1- أُمامة بنت أبي العاص ابن الربيع

حفيدة النبي صلى الله عليه وسلم

إنها حفيدة رسول الله أُمامةُ بنت ابي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية العبشمية.
وأما أمها فهي زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزينب أكبر أخواتها، وهي من السيدات المهاجرات الطاهرات.

أما جدتها لأمها فهي السيدة خديجة بنتخويلد أم المؤمنين رضي الله عنها ، فقد اتصفت بالعفة والشرف، حتى عُرفت بالطاهرة بين نساء مكة في زمانها.

وابوها أبو العاص بن الربيع صهر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته الكبرى زينب، وابن أخت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد هالة بنت خويلد.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُثني على ابي العاص في مصاهرته خيرًا، فهو رجل قرشي صميم، يلتقي نسبه من جهة الأب مع الرسول صلى الله عليه وسلم عند عبد مناف بن قصي، فهو ابو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. ويلتقي نسبه من جهة الأم مع زينب بنت النبي الأكرم عند جدهما الأدنى خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.

نشأت زينب رضي الله عنها في أطهر بيت، وأتت من خير نسب، حتى تنافست بيوتات مكة واشرافها على الظفر بها عروسًا ، وكان من هؤلاء رجل تهيأت له الفرصة أكثر من غيره وهو أبو العاص ابن الربيع، ويتقدم ابو العاص، ويوافق النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الزواج فقد كان إلى جانب اصله العريق يتحلى بكريم الخصال ، ونبل الأفعال.

أخرج الإمام ابو داود رحمه الله صاحب السنن بسنده عن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما من حديث طويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن ابي العاص: " حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي". والحديث رواه ايضًا البخاري ومسلم في الصحيحين، وابن ماجه في سننه.
ولما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت زينب، وعرضت الإسلام على زوجها فقال لها: لو تبعته قال القوم فارق دين ءابائه إرضاء لزوجته وحميه.. والله ما ابوك عندي بمتهم، وليس أحبّ إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره أن يقال خذل قومه إرضاء لامرأته.

وهاجرت زينب ولحقت بأختيها أم كلثوم وفاطمة، وقبلهما هاجرت رقية وكان أبو العاص قد أسِر يوم بدر، فأطلق بلا فداء إكرامًا لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم أسلم أبو العاص قبيل فتح مكة وحسُن إسلامه وردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم زينب، وأصبح أبو العاص أحد فرسان مدرسة النبوة، وتوفي رضي الله عنه في ذي الحجة سنة 12 هجرية.
وقد وُلدت أُمامة في عهد جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضعت الإيمان مع حليب أمها زينب، فغذتها بزاد التقوى ثم فطمتها على الصلاح، فكانت أمامة كريمة الأصل والنشأة، وكان صلى الله عليه وسلم يأنس بها، وينشرح صدره سرورًا بمرءاها ، وأحلّها من قلبه الشريف مكانًا رحبًا ، فروى نفسها وغَذّى فؤادها من عطفه وحنانه.

في أوائل السنة الثامنة للهجرة توفيت زينب كبرى بنات النبي صلى الله عليه وسلم تاركة ابنتها أمامة التي لم تبلغ الحُلُم بعد، وكان فراق زينب أليمًا على النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وعلى ابنتها الصغيرة، وقد أوصى النساء بأن يُحسنّ غُسل زينب قبل دفنها.

روت أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته زينب فقال: " اغسلنَها ثلاثًا أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رايتن ذلك، بماء وسِدر، واجعلن في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من الكافور، ءاذناه، فأعطانا حقوه (إزار) فقال" أشعِرنها إياه: وصلى عليها صلى الله عليه وسلم ثم شيّعها إلى مثواها في البقيع في المدينة المنورة.
وعاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ليجد في حفيدته أمامة ما يُخفف من حزنه على فراق ابنته زينب.

وكانت زينب رحمها الله قد رُزقت بغلام اسمته عليًّا ، توفي وقد ناهز الحلم، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم في يوم فتح مكة المكرمة.

كفالة جدها
لقيت أُمامة من حُبّ جدّها خير الأنام ما افتقدته برحيل أمها فهي تذكّره بابنته الكبرى زينب التي رحلت إلى الدار الآخرة ، فكان يلاعبها ويحملها على عاتقه إذا صلّـى.
فقد روى البخاري ومسلم وابو داود والنسائي ومالك عن ابي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: " بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر وقد دعاه بلال للصلاة، إذا خرج إلينا، وأمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عُتُقه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مُصلاه ، وقمنا خلفه وهي في مكانها الذي هي فيه، قال: فكبّر فكبرّنا ، قال: حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها ، ثم ركع وسجد ، حتى إذا فرغ من سجوده ثم قام، أخذها فردها في مكانها ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته".

وهذا يشير إلى مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على الأطفال وإكرامه لهم جبرًا لهم ولوالديهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وهذا من تواضعه ومن شفقته على أُمامة ، فإنه كان إذا ركع أو سجد على الأرض وكأنها كانت لتعلقها به لا تصير في الأرض فتجزع من مفارقته ، فيحتاج أن يحملها إذا قام.

حب النبي صلى الله عليه وسلم لها
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرّ أمامة ويخصّها بهداياه كلما كانت مناسبة.

فقد روى الإمام أحمد وابو يعلى والطبراني وابن سعد وابن حجر وابن عبد البرّ وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ولأمامة منقبة كبيرة بين الصحابيات، حتى اضحت يشار إليها بأنها حبيبة المصطفى صلى الله عليه وسلم قالت السيدة عائشة رضي الله عنها :" أُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة من جِزع (خرز) ملمعة بالذهب ونساؤه مجتمعات في بيت كُلهن ، وأُمامة بنت أبي العاص ابن الربيع ، جارية تلعب في جانب البيت بالتراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كيف ترينَ هذه؟ فنظرن إليها فقلن : يا رسول الله ما رأينا أحسن من هذه ولا أعجب! فقال:" أرددنها إلي " فلما أخذها قال:" والله لأضعنّها في رقبة أحب أهل البيت إليّ".

قالت عائشة: فأظلمت عليّ الأرض بيني وبينه خشية أن يضعها في رقبة غيري منهن ، ولا أراهن إلا قد اصابهن مثل الذي اصابني، ووجمن جميعًا ، فأقبل حتى وضعها في رقبة أمامة بنت أبي العاص، فسُريَ عنّـا.
زواجها
لما توفي ابو العاص بن الربيع في السنة الثانية للهجرة كان قد أوصى بابنته أمامة إلى ابن خاله الزبير بن العوّام رضي الله عنه.

تزوجت أمامة بنت أبي العاص من الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة خالتها السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وقد زوّجها له الزبير ، وكانت فاطمة الزهراء رضي الله عنها قد أوصت عليًّا بأن يتزوج بأمامة بعد وفاتها ، فتزوجها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وبقيت أمامة زوجة لعليّ حتى قُتل رضي الله عنه فتأثرت لمقتله حزنًا شديدًا وفقدت بغيابه زوجًا ونصيرًا.

ويُروى أنه لما جُرح علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه بالخنجر المسموم خاف على أمامة بنت ابي العاص زوجته أن يتزوجها معاوية بن أبي سفيان من بعده، فارسل إلى المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب طالبًا منه أن يتزوجها من بعده.

ولما حضرته الوفاة قال لزوجته أمامة:" إن كان لك في الرجال حاجة فقد رضيتُ لك المغيرة بن نوفل عشيرًا.
قال بعضهم: أنجبت لعلي بن أبي طالب محمدًا الأوسط وقيل: لم تنجب لعليّ رضي الله عنه.

وقيل أنها ولدت من المغيرة فولدت له يحيى وبه كان يُكنّى.
بموت أمامة انقطع عقب زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لزينب ولا لرقية ولا لأم كلثوم بنات النبي صلى الله عليه وسلم عقب، وإنما العقب لفاطمة رضي الله عنها كما جاء في "الإصابة" و"اسدالغابة".

رضي الله عن أمامة بنت ابي العاص وأسكنها فسيح جناته ، فقد كانت أحبّ أهل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه.




- أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب
(حفيدة رسول الله) أمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وهي جارية لم تبلغ فلم تزل عنده إلى أن قتل وولدت زيد بن عمر ورقية، ثم خلف على أم كلثوم بعد عمر عون بن جعفر بن أبي طالب بن عبد


المطلب بن هاشم فتوفي عنها فخلف عليها أخوه عبد الله بن جعفر- رضي الله عنهما- بعد أختها زينب بنت علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فقالت أم كلثوم إني لاستحيي من أسماء بنت عميس أن ابنيها ماتا عندي وإني لأتخوف على هذا الثالث فتوفيت عنده، ولم تلد لأحد منهم شيئا. وعندما خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم رضي الله عنها. فقال علي- رضي الله عنه- إنما حبست بناتي على بني جعفر فقال عمر رضي الله عنه أنكحنيها يا علي فو الله ما على وجه الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصد فقال علي قد فعلت فجاء عمر- رضي الله عنه- إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر وكانوا يجلسون فإذا كان الشيء يأتي عمر من الآفاق فجاءهم فأخبرهم بذلك واستشارهم فيه فجاءهم عمر- رضي الله عنه- فقال رفيؤوني فرفئوه فقالوا- رضي الله عنهم- بمن يا أمير المؤمنين قال بابنة علي بن أبي طالب ثم أنشأ يخبرهم فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضا وأمهر أم كلثوم- رضي الله عنها- أربعين ألفا. وقال محمد بن عمر وغيره لما خطب عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إلى علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم قال: يا أمير المؤمنين إنها صبية. قال إنك والله ما بك ذلك ولكن علمنا ما بك، فأمر علي- رضي الله عنه- فصنعت ثم أمر ببرد فطواه ثم قال انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين فقولي: أرسلني أبي يقرئك السلام ويقول: إن رضيت البرد فأمسكه وإن سخطته فرده فلما أتت عمر- رضي الله عنه- قال: بارك الله فيك وفي أبيك قد رضينا قال: فرجعت إلى أبيها- رضي الله عنه- فقالت: ما نشر البرد ولا نظر إلا إلي فزوجها إياه فولدت غلاما يقال له زيد. وأخبر وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: مات زيد بن عمر وأم كلثوم فصلى عليهما عبد الله بن عمر رضي الله عنه فجعل زيدا مما يليه وأم كلثوم مما يلي القبلة


ـ زينب بنت علي بن أبي طالب
لُقبت بالطاهرة لطهارة سريرتها ونسبها، فقد وُلدت فىالسنة السادسة للهجرة لأبوين شريفين؛ فأبوها على بن أبى طالب - رضى الله عنه-، وأمها السيدة "فاطمة الزهراء" بنت رسول اللَّه ( -رضى اللَّه عنها- وإخوتها: "الحسن" و"الحسين" و"أم كلثوم" .. إنها السيدة زينب.


تزوجت "عبد اللَّه بن جعفر بن أبى طالب"، وأنجبت له ستة أولاد، منهم: "علي" و"محمد" و"عون"، و"عباس"، و"أم كلثوم".

أدركت السيدة زينب جدها النبي ( فى طفولتها فحملها بين يديه، ونعمت برؤيته المباركة.

نشأت فى بيت علم ودين، وشهدت اتساع دولة الإسلام فى عهد جدها عليه الصلاةوالسلام، ثم فى عهد "أبى بكر" و"عمر" و"عثمان" وأبيها "علي" -رضوان اللَّه عليهم أجمعين-.
عاشت السيدة "زينب" أحداث الفتن التي وقعت فى صفوف المسلمين، فقد احتضنت أباها حين قُتل، ورحلت مع أخيها "الحسين" إلىالكوفة، وشهدت يوم كربلاء وكان أشد الأيام عليها حزنًا وألمـًا.
ففى هذا اليوم - وهو يوم العاشر من شهر المحرم سنة 61 من الهجرة- كانت مع أخيهاالحسين تحت الحصار الذي فرضه عليهم "عبيد اللَّه بن زياد" والى الكوفة،وفى أثناء الليل قال لها أخوها "الحسين": يا زينب إنى رأيت رسول اللَّه ( في المنام؛ فقال لي: "إنك تروح إلينا". فاضطربت "زينب" وأدركت أن ذلك يعنىأن الحسين قد حان أجله؛ فقالت: يا ويلتاه. فقال لها "الحسين": ليس لكِ الويل يا أخُيَّة! اسكتى يرحمك اللَّه. فاغرورقت عيناها بالدموع وقالت: واثكلاه؛ ليت الموت أعدمنى الحياة اليوم؛ ماتت "فاطمة" أُمي، و"علي" أبي،و"حسن" أخي، فنظر إليها الحسين بعطف وشفقة وقال: ياأُخية، لايذهبن حلمَكِ الشيطانُ. فقالت "زينب": بأبى أنت وأمى يا أبا عبد اللَّه، جعلت نفسي فداك، فقال: يا أُخية، اتقى اللَّه ،تعزِّى بعزاء اللَّه، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأن أهل السماء لايبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه اللَّه الذي خلق الأرض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون، وهو فرد واحد؛ أبى خير مني،وأمى خير مني، وأخى خير مني، ولى ولهم ولكل مسلم برسول اللَّه ( أسوة. فعزاها بهذا وبمثله، وقال: يا أُُخية، إنى أقسم عليك فأبرِّى قسمي، لاتشقِّى على جيبًا، ولا تخمشى على وجهًا، ولا تدعى على بالويل والثبور إذاأنا هلكت. وبالفعل استشهد الحسين -رضى اللَّه عنه- واستشهد معه ولداها "محمد" و"عون" وآخرون من أهل بيتها. فجعلت "زينب" تنظر إلى جثثهم، وتجمع أشلاءهم يشاركها فى ذلك من بقى معها من النساء والأطفال ودموعها لاتنقطع،وقلبها يكاد ينفطر من شدة الحزن والألم.. وحين أخذوها ومن معها إلى قصرابن زياد بالكوفة، ومرت على جثة أخيها "الحسين" هاجت أشجانها وأحزانهاوأخذت تنادي: "يا محمداه.. يا محمداه، صلى عليك ملائكة السماء، هذا حسين بالعراء، مُزَمَّل بالدماء، مقطع الأعضاء،.. يا محمداه، وبناتك سبايا،وذريتك مقتَّلة". فأبكت كل عدو وصديق.
ولما وصلوا الكوفة، أدخلوا زينب وأهلها على ابن زياد والى الكوفة وقتئذٍ، فلما رآها قال لها: الحمد للَّه الذي فضحكم، كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ فانتفضت قائلة: الحمد للَّه الذي أكرمنا بمحمد ( وطهرنا تطهيرًا، لا كما تقول أنت، وإنما يُفتضح الفاسق ويكذَّب الفاجر، والذين قتلتهم رجال كُتب عليهم القتال فبرزوا إلىمضاجعهم، وسيجمع اللَّه بينك وبينهم فتختصمون عنده. فغضب ابن زياد وأمربقتل على بن الحسين وكان صبيًا صغيرًا. فأسرعت عمته زينب، واحتضنته وقالت: حسبك يا بن زياد منَّا، أما يكفيك ما رُويت من دمائنا، وهل أبقيت منَّاأحدًا؟ أسألك باللَّه إن كنت مؤمنًا، إن قتلته اقتلنى معه. فقال ابن زياد: عجبًا للرحم ! واللَّه إنى لأظنها ودَّت لو أنى قتلتها معه؛ وصاح: دعواالغلام مع نسائه.
ثم انطلقت جنود ابن زياد بالسيدة زينب ومن معها إلىدمشق مقر خلافة يزيد بن معاوية، فلما دخلوا على "يزيد" فى قصره، بكت نساءآل هاشم إلا زينب، فقد قالت:صدق اللَّه يايزيد ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَالَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوابِهَا يَسْتَهْزِؤُون) [الروم:10]. أظننت يا يزيد أنه حين أُخذ علينابأطراف الأرض وأكناف السماء فأصبحنا نُساق كما تساق الأساري، أن بناهوانًا على اللَّه وأن بك عليه كرامة؟ وتوهمت أن هذا لعظيم خطرِك ،فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفيك، جذلان فرحًا حين رأيت الدنيا مستوثقة لك والأمورمتسقة عليك؟ إن اللَّه إن أمهلك، فهو قولهوَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَكَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَانُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [آلعمران: 178]. واللَّه ما فريت إلا في جلدك، ولا حززت إلا في لحمك! وستردعلى رسول اللَّه ( وآله برغمك، ولتجدن عترته ولحمته من حوله في حظيرةالقدس يوم يجمع اللَّه شملهم من الشعث (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران: 169]. وستعلم أنت ومن بوَّأك ومكَّنك من رقاب المؤمنين -إذا كان الحكَم ربنا، والخصم جدنا، وجوارحك شاهدة عليك- أيُّناشر مكانًا وأضعف جندًا. فواللَّه ما اتقيتُ غير اللَّه، وما شكوت إلاللَّه، فكِد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك".
فكان لهذه الكلمات وقع الصاعقة على يزيد، حيث صعب عليه الأمر فتاب إلى اللَّه، وقيل إنه قال للصبى "على بن الحسين" حين دعاه مودعًا: لعن اللَّه ابن مرجانة -يقصد عبيداللَّه بن زياد- أما واللَّه لو أنى صاحب أبيك ما سألنى خصلة أبدًا إلاأعطيته إياها، ولدفعت عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن قضىاللَّه ما رأيت. ثم قال يزيد: "يا نعمان بن بشير" جهزهم بما يصلح، وابعثمعهم رجلا من أهل الشام أمينًا، وابعث معهم خيلا وأعوانًا فيسيرون إلىالمدينة. ثم كساهم وأوصى بهم الشامي، فمازال ذلك الشامى يلطف بهم حتى دخلوا المدينة.
فقالت فاطمة لأختها "زينب":يا أُخية لقد أحسن هذا الرجلالشامى إلينا فى صحبتنا فهل لكِ أن نكافئه؟ فقالت زينب: واللَّه ما معناشيء نكافئه به إلا حُلينا. قالت فاطمة: فنعطيه حُلينا.
فأخذت "زينب" سوارها وبعض حليها، وأخذت أختها "فاطمة" سوارها، وبعثتا بذلك إليه،واعتذرتا إليه، وقالت له: هذا جزاؤك بصحبتك إيانا بالحسن من الفعل. فقالالشامي: لو كان الذي صنعت إنما هو للدنيا كان فى حُـلِـيِّـكُنَّ مايُرضينى ،ولكن واللَّه ما فعلته إل اللَّه ولقرابتكم من رسول اللَّه (.
أخذت "زينب" بعد ذلك تحكى لأهل المدينة ما فُعل بهم وما تعرضوا له، فخشى "يزيد" أن تؤلب عليه الناس، فأرسل إلى والى المدينة آمرًا بأن يفرق "آل البيت" فىالأقطار والأمصار. فجاء الوالى إلى السيدة "زينب" وطلب منها أن تخرج من المدينة فتقيم حيث تشاء.
فاختارت السيدة زينب أرض "مصر"، وسافرت إليها،فاستقبلها شعبها وأميرها "مسلمة بن مخلد الأنصاري" استقبالاً عظيمًا؛فبقيت -رضى اللَّه عنها- فيها حوالى عام .
وتوفيت سنة 65 للهجرة ودفنت فى جزء من هذه الدار، التي تحولت بعد ذلك إلى مسجد تقام فيه شعائر الصلاة؛وهو المسجد الزينبى المشهور بالقاهرة.
وقد روت السيدة "زينب" الكثير من الأحاديث، وروى عنها، فرضى اللَّه عنها وأرضاها .

أضافة تقييم إلى صلاح صقر تقرير بمشاركة سيئة  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق